بينما نحن مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بمكة، وهو في نفرٍ من أصحابه، إذ قال: "لِيَقُمْ معي رجلٌ منكم، ولا يقُومَنَّ معي رجلٌ في قلبه من الغِشِّ مِثقالُ ذرَّةٍ"، قال: فقمتُ معه، وأخذتُ إداوةً، ولا أحسِبُها إلّا ماءً، فخرجتُ مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، حتى إذا كُنَّا بأعلى مكة رأيتُ أسْوِدَةً مُجتمعةً، قال: فخَطَّ لي رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- خطًّا، ثم قال: "قُمْ هاهنا حتى آتيَك"، قال: فقمتُ، ومضى رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إليهم، فرأيتُهم يَتَثَوَّرون إليه، قال: فَسَمَرَ معهم رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ليلًا طويلًا، حتى جاءني مع الفجرِ، فقال لي: "ما زِلْتَ قائمًا يا ابنَ مسعودٍ؟ " قال: فقلت له: يا رسولَ اللَّه، أوَلم تقلْ لي: "قُمْ حتى آتِيَك؟ "، قال: ثم قال لي: "هل معك من وَضوء؟ "، قال: فقلت: نعم، ففتحتُ الإداوةَ، فإذا هو نبيذٌ، قال فقلت له: يا رسول اللَّه، واللَّهِ لقد أخذتُ الإداوةَ ولا أحسِبُها إلّا ماءً فإذا هو نبيذٌ، قال: فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "تمرةٌ طيِّبةٌ، وماءٌ طَهورٌ"، قال: ثم توضّأ منها، فلما قام يصلّي أدركه شخصان منهم، وقالا: يا رسول اللَّه، إنا نُحِبُّ أن تَؤُمَّنا في صلاتنا. قال: فصفَّهما رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- خلفَه ثم صلَّى بنا، فلما انصرفَ قلتُ له: مَنْ هؤلاءِ يا رسول اللَّه؟ قال: "هؤلاءِ جنٌّ نَصِيبينَ، جاؤوني يختصمون إليَّ في أُمور كانت بينهم، وقد سألوني الزَّادَ، فزوَّدْتهم"، قال: فقلت له: وهل عندك يا رسول اللَّه من شيءٍ تُزَوِّدُهم إيّاه؟ قال: فقال: "قد زَوَّدْتُهم الرَّجْعة، وما وجدوا من رَوْثٍ وجدوه شعيرًا، وما وجدوه من عظمٍ وجدوه كاسيًا"، قال: وعندَ ذلك نهى رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن أن يُستطابَ بالرَّوث والعَظم (?).

قال أحمد: أبو زيد (?)، في حديث النبيذ، مجهول.

* طريق مختصرة:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يحيى بن إسحق قال: أخبرنا ابن لهيعة عن قيس بن حجّاج عن حَنَش الصنعاني عن عبد اللَّه بن عبّاس عن عبد اللَّه بن مسعود:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015