تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (190)) (?) وقال: (وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) (?)، وقال: (وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا) (?).
وقد تقدم قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إن الله كتبَ الإحسانَ على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسِنوا القتلةَ، وإذا ذَبحتم فأحسِنوا الذبحةَ".
فتبين أن الإحسان واجب حتى في القتل المستحق بإحسان القتلة والذبحة، ومعلوم أن الظلم الذي يستحق به العقوبة- سواء كان في حق الله أو حقوق عباده- لا يخرج عن ظلم في الدين، وظلم في الدنيا، وقد يجتمعان، فالأول كالكفر والبدع، والثاني كالاعتداء على النفوس والأموال والأعراض.
والغالب أن الظلم في الدين يدعو إلى الظلم في الدنيا، وقد لا ينعكس، ولهذا كان المبتدع في دينه أشدَّ من الفاجر في دنياه، وعقوبات الخوارج أعظم من عقوبات أئمة الجور، كما قررتُ هذا في قاعدة "بيان أن البدع أعظم من المعاصي بالكتاب والسنة وإجماع الأمة، وبما يعقل به ذلك من الأسباب". ثم مع هذا لا يجوز أن يعاقب هذا الظالم ولا هذا الظالم إلا بالعدل بالقسط، لا يجوز ظلمه.