والمساند أيضًا، وعلى حديثه وحديثِ عديّ يدورُ بابُ الصَّيد، وعليهما اعتمدَ الفقهاءُ كلُّهم- قال: أتيتُ رسولَ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقلتُ: إنّا بأرضِ قوم من أهلِ الكتاب نأكلُ في آنيتهم، وأرضِ صيدٍ، أَصِيدُ بقَوسِي، أصيدُ بكَلبي المعلَّم وبكلبي الذي ليس بمُعلَّم، فأخبرني ما الذي يَحلُّ لنا من ذلك؟ فقال: "أما ما ذكرتَ أنكم بأرضِ قومٍ من أهلِ الكتاب تأكلون في آنيتهم، فإن وجدتم غيرَ آنيتهم فلا تأكلوا فيها، فإن لم تجدَوا فاغسلوها ثم كلوا فيها. وأما ما ذكرتَ أنكم بأرضِ صيدٍ، فما أصبتَ بقوسِك فاذكر اسمَ الله ثم كُلْ، وما أصبتَ بكلبك المعلَّم فذكرتَ اسمَ الله فكُلْ، وما أصبتَ بكلبك الذي ليس بمعلَّم وأدركتَ ذكاتَه فكُل ". وفي لفظ البخاري: "ما صِدْتَ بقوسِك وذكرتَ اسمَ الله فكُلْ، وما صِدْتَ بكلبك المعلَّم وذكرتَ اسمَ الله فكُلْ ".
فهذا أبو ثعلبة يسأله، يقول له: أخبرني ما الذي يحلُّ من ذلك؟ فلم يُحِلَّ له إلا ما ذكَر اسمَ الله عليه في الاصطياد بقوسه وفي الاصطياد بكلبه، ولم يَستَثن حالة نسيانٍ ولا غيرها، وهذا من أًبْينِ الدلالةِ على أنه لا يحلُ له إلا ذلك، إذ لو كان يَحِلُّ ما ترك التسمية عليه خطأً أو عمدًا لم يكن ما ذكره جوابه، بل كان الجواب إذَنْ إحلالَ ذلك كله أو إحْلالَ ما سُمِّي عليه وما نسي التسمية عليه، كما أن المستفتي لمن يُحِلُّ هذا من الفقهاء يُجيبُه بجواب يُخالِف جوابَ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأبي ثعلبة، وهذا دليلٌ على خطأ ذلك الجوًاب.
وبهذين الحديثين ونحوهما احتج من أوجبَ التسميةَ على الصيد دون الذبيحة في حالِ الخطأ من أصحابنا، قال: لأن هذه النصوص