فأجدُ معه على الصيد كلبًا اَخر لم أُسمِّ عليه، ولا أدري أيُّهما أخذ.
قال: "لا تأكلْ، فإنك إنما سميتَ على كلبك، ولم تُسَمَ على الآخر".
فنهاه عن أكلِ ما شكَّ في تذكيته، وعلَّلَ ذلك بأنك إنما سمَّيتَ على كلبك ولم تُسَمِّ على الآخر، فجعلَ المانعَ من حِلِّ صَيدِ الكلب الآخر تركَ التسمية، كما جَعلَ فِعلَ التسمية علةً لحِل صيدِ كلبه. وهذا من أصرح الدلالات وأبينها في جَعْلِه وجودَ التسمية شرطًا في الحِلِّ، وعدمَ التسميةِ مانِعًا من الحِلِّ، ولم يُفرِّقْ بين أن يتركَها ناسِيًا أو غيرَ ناسِ، مع أن حالَ الاصطياد حال قد يدهَشُ الإنسانُ ويَذْهَلُ عن التسَميةِ فيها، وإذا لم يعذره في هذه الحال بتركِ التسمية فأن لا يَعذرَه بذلك في حالِ الذبح وهو أحضرُ عقلاً= أولى وأحرى.
السابع: أنه كرَّر علية ذِكرَ التسمية حينَ إرسالِه الكلبَ، وحينَ إرسالِه السهمَ، وعند منعِه من أكلِ ما خالطَ كلبَه كلب لم يُسَمِّ عليه، وعند ذبحِه. وهذا كلُّه يدلُّ على اعتناء النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالتسمية على الذكاة بالذبح والسَّهم والجارح، وأنه لا بدَّ منها في الحلّ، وأن انتفاءَها يُوجبُ انتفاءَ الحلِّ. وهذا في غاية البيان من الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الذي ليس عليه إلا البلاغ المبين، وبدون هذا يَحصُلُ البيان الذي تقومُ به الحجَّةُ على الناس.
وأيضًا حديث أبي ثعلبةَ الخُشَني (?) - وهو في الصحاح والسنن