قدَّمَها لمشقة التأخير عليهم، فتقديمُ الصلاة في أول الوقت وإن كان هو الأفضل في الأصل، فإذا كان في التأخير مصلحةٌ راجحة كان أفضلَ، كالإبراد بالظهر وتأخير العشاء. وكما إذا رَجَا المتيمم الماءَ في آخر الوقت، أو رَجَا أن يُصلّي مستورَ العورة في آخر الوقت أو إلى القبلة أو في جماعةِ ونحو ذلك، وهكذا الجمع. فالأصل وجوبُ كلّ صلاةِ في وقتها الخاص، ثم يجوز أو يُستحبُّ فِعْلُها في الوقت المشترك لدفع الحرج.
وأما الجمع لمصلحة راجحة مع إمكان الفعل في الوقت فهذا قد جاء فيه حديث المستحاضة، فإن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أحبَّ لها أن تجمعَ بين صلاتَي النهار بغُسلِ وبين صلاتَي الليل بغُسل، وكان هذا أحبَّ إليه من أن تصلِّي في الوقت المختصّ بوضوء، لأن طهارة الغسل متيقنة وطهارة الوضوء محتملة، لإمكان انقطاع وجوب الغسل، مع أن الغسل ليس بواجب عليها، وعلى هذا فالجمعُ بوضوءِ أو غُسلِ أفضلُ من التفريق عُريانًا، والجمعُ إلى القبلة المتيقنة أفضل من التفريق بالاجتهاد، والجمع في جماعة أفضل من التفريق وحدَه.
ولهذا كان الصحابة والتابعون يجمعون للمطر، مع إمكان صلاة كلِّ واحد وحدَه في بيتِه، لكن ذلك لمصلحة الجماعة، فصلاتُه مع الجماعة جمعًا أفضلُ من صلاتِه في الوقتين. ولهذا لو كان مقيمًا في المسجد لكان جمعُه معهم على الصحيح أفضلَ من صلاتِه وحدَه في الوقتين.
وهكذا القول فيما يجب في الصلاة إذا أمكَن فِعلُه في الجمع فهو