والحسنُ بن علي إلى جانبه، وهو يُقبلُ على الناس مرةً وعليه أخرى، ويقول: "إنَّ ابني هذا سيد، ولعلَّ الله أن يُصلحَ به بين فئتين عظيمتين من المسلمين ". وفي صحيح البخاري (?) عن أسامة قال: كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يأخذني فيُقعِدني على فخذِه، ويُقعِد الحسنَ على فخذِه الأخرى، ويقول: "اللهمَ إني أحِبُّهما، فأَحبهما، وأَحِبَّ من يُحِبُّهما". وكانا من أكرهِ الناس للدخول في اقتتال الأَمة.
والحسين- رضي الله عنه- قُتِل مظلومًا شهِيدًا، وقتَلَتُه ظالمون متعدُّون، وإن كان بعض الناس يقول: إنه قُتِلَ بحق، ويحتِجّ بقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " من جاءكم وأمرُكم على رجلٍ واحدٍ يُرِيد أن يُفرِّق بين جماعتكم فاضربوا عُنُقَه بالسيف، كائنًا من كان ". رواه مسلم (?). فزعم هؤلاء أن الحسين أتى الأمةَ وهم مجتمعون، فأراد أن يُفرِّق الأمة، فوجبَ قتلُه. وهذا بخلاف من يتخلَّف عن بيعة الإمام ولم يَخرُج عليه، فإنه لا يجب قتلُه، كما لم يقتُل الصحابة سعد بن عُبادة مع تخلُّفِه عن بيعةِ أبي بكر وعمر.
وهذا كذِبٌ وجهل، فإن الحسين رضي الله عنه لم يُقتَل حتى أقامَ الحجةَ على من قتلَه، وطلبَ أن يذهبَ إلى يزيدَ أو يرجعَ إلى المدينة أو يذهبَ إلى الثَّغْر. وهذا لو طلبَه آحادُ الناس لوجبَ إجابتُه، فكيف لا يجب إجابةُ الحسين رضي الله عنه إلى ذلك وهو يطلب الكفَّ والإمساك؟