وأنكر أبو عبد الله المازري وغيره ذلك، وقالوا: ليس للرب خلق يتخلق به العبد. وتحقيق هذا في موضع آخر.

وذكر هذا أبو طالب المكي، وأنكره عليه الشيخ أبو البيان الدمشقي، فيما أنكر عليه.

الرابع: أن هذا القدر في ثبوته نزاع مذكور في غير هذا الموضع، كما قرره أبو حامد وغيره، فليس الكمال والسعادة في أن يقصد العبد التشبّه بالرب فقط، بل أن يقصد عبادته، فإنه بدون أن يكون معبودًا له مقصودًا، يفسد حاله، فلا تكون له سعادة بحال، وإذا عبده مع نقيض اتصافه بصفات الكمال حصل له من السعادة بقدر ما عبده، فإذا اتصف مع ذلك بما يحبه الرب كانت سعادته أكمل، وجميع ما في العباد من صفات المدح والكمال التي يوصف الرب بالكمال المطلق فيها كالعلم والرحمة والقدرة ونحو ذلك، إنما يصير صاحبها سعيدًا كاملاً نائلاً سعادته إذا قصد المقصود المعبود لذاته، فأما بدون ذلك فلا سعادة له أصلاً. فمثل هذه الصفات من توابع الكمال والسعادة ومكملات ذلك، وأما عبادة المعبود المقصود لذاته فإنه من لوازم السعادة والفلاح، لايتصور وجود السعادة والفلاح بدون ذلك.

فالمتحركات العلوية جميعها حركاتها عبادة لله، كما وصف الله بذلك الملائكة وغيرهم، وقال: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ) ثم قال (وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ) (?)، فبيّن بذلك أنه ليس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015