الشيء المفعول، وإنما جزاَه المادة والصورة، إذ المادة والصورة هما ماهيته وحقيقته، فلا يجوز أن يكون في المخلوقات ما هو فاعل لها.

كذلك لا يجوز أن يكون فيها ما هو المقصود المراد لفاعلها، ومن هنا تندفع مسائل الإرادة الموجبة بالذات والتعليل والتجوير، وتعليل أفعاله، فإن المعللين أوجب ذلك عليهم رعاية الحكمة، والمانعين أوجب المنع عليهم رعاية الغنى، فإن الفاعل لأجل غيره مفتقر إلى ذلك الغير، فأما إذا فعل لأجل نفسه كان غاية ما يقال: إنه فعل لنفسه، كما يقال: واجب بنفسه.

وهذا خيال باطل، إنما يتوهَّم صدقُه لأنه يظن أن نفسه منفصلة عن نفسه، وأن الشيء الفاعل نفسه هو شيء متقدم عليها، والشيء المطلوب المقصود هو شيء منفصل عن نفسه التي لها القصد والإرادة. وكل ذلك باطل، بل هو سبحانه القائم بنفسه الذي هو موجود بها، ومريد لها، ومحب لها، ومسبح لنفسه، ومُثني على نفسه، كما قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لا أُحصِيْ ثناء عليك، أنت كما أثنيتَ على نفسك" (?).

ومن هنا يظهر الفرق بين ما يحبه ويرضاه، وبين ما يريده من غير محبته، فإن ذلك محبوب لنفسه مَرضِيٌّ لها، وهذا مراد من جهة الربوبية.

لكن يُقال: هو فعل الأفعال بإرادته، فالوجود كله بمشيئته، لكنه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015