فصل
فنقول: كما استحال أن يكون ربَّانِ كل منهما فاعل الشيء، فكذلك يستحيل أن يكون إلهان كل منهما معبودٌ لشيء، كما قدمنا أنه إذا استحال كون كل من الشئين فاعلاً للآخر وعلة له، فيستحيل أن يكون كل منهما هو المقصود للآخر، والعلة الغائية له، لمفعول لهما، سواء اشتركا في مفعول أو انفرد كل منهما بمفعول مباين.
وكذلك يستحيل أن يكون الشيء فاعلاً لنفسه محدثًا لها، ويستحيل أن يكون هو الغاية المقصودة من فعل نفسه لفاعلها، فكما لا يكون شيء من الموجودات ربًّا لنفسه فاعلاً، فلا يكون شيء منها مقصودًا لنفسه، هي الغاية المطلوبة من وجوده، بل كما وجب أن يكون لجميع المصنوعات ربٌّ غيرُها فعلَها وأحدثَها، وجب أن يكون ثبوته بعد أن خلقهم، إذ الحاجة إلى المقصود قبل الافتقار إلى ألوهيته، وهو أعظم الوجهين، فقد يكون لفعلهما جميعًا مقصودًا مرادًا غيرها.
والخارج عن الممكنات المحدثات هو الله الذي لا رب غيره، ولا إله إلا هو، فهو ربها كلها وخالقها ومليكها، وهو إلهها جميعًا، الذي يجب أن يكون هو المعبود المقصود المراد بها جميعها، فهو نفسه هو الفاعل لأجل نفسه، إذ لا يجوز أن تكون الغاية المقصودة له غيره، كما لا يجوز أن يكون الرب الفاعل غيره.
ومعلوم أن كل واحد من العلتين- الفاعل والغاية- خارج (?) عن