ومَن انتهى إليه صاحب «منازل السائرين». وشيخُ الإسلام أبو إسماعيل من أعظم الخلق إثباتًا للصفات ومباينة الربِّ للمخلوقات، وأبعد الخلق عن الحلول والاتحاد، لكن جاء مثل القُونوي والتِّلْمِساني ونحوهما، أخذوا ما وجدوه يناسبهم من كلامه في الفناء، والجمع، والوجود، وانتقلوا منه إلى ما يقولونه من وحدة الوجود. كما أخذوا من كلام أبي حامد الغزالي من «مشكاة الأنوار»، و «المظنون به على غير أهله»، ونحو ذلك مما فيه مشابهة لكلام الفلاسفة في نفي الصفات، مباينًا بهم في هذا النفي. وانتقلوا منه إلى الحلول والاتحاد. وأبو حامد يُكفِّر مَن يقول بالحلول والاتحاد، ويُصرِّح بأنه ليس في مخلوقاته شيء من ذاته، ولا في ذاته شيء من مخلوقاته.

ولم يكن في كلامه في الأمر والنهي والأعمال مما يتعلّق به [في] الفناء، كما لم يكن لهم في كلام شيخ الإسلام في الصفات ما يتعلقون به في النفي. ولكنْ مَن في قلبه مرضٌ يأخذ من كلِّ كلام ما يُناسب مرضَه.

ولهذا كان كلام الشيخ عبد القادر في الأمر والنهي ومعاني الفناء والبقاء خيرًا من كلام شيخ الإسلام، كما أن شيخ الإسلام أعلم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015