[كفر] بالدين، بخلاف مَن أفناه شهود الإلهيّة حتى غاب بمعبوده عن عبادته، وبمشهوده عن شهادته، فإن هذا لم يفسد إيمانه واعتقاده، وإنما ضعف عن حمل ما شهده. فهذا إذا أفاق عاد إلى الأمر والنهي، كما يُذكَر عن أبي يزيد.

ففَرقٌ بين فناءٍ يُفسِد الاعتقاد، وفناءٍ يغيّب الاعتقادَ ولا يُزيله ولا يُفسده.

وقدماء الصوفية الأصحَّاء إذا تكلَّموا في هذا الفناء، إنما يريدون ما يُغيِّبُ العبدَ عن شهود السِّوى، لا يريدون له أنك تُسَوِّي بين المأمور والمحظور.

لكن إذا لم يكن عند العبد فَرقٌ بين الحقيقة الكونية القدرية، والحقيقة الدينية الشرعية، لم يميّزْ بين هذا وهذا.

فسوَّوا بين الإرادةِ الدينيةِ والكونية، فقالوا: ما ثَمَّ إلا طاعةٌ بلا معصية، فإن الكائنات كلها جارية على وَفْق المشيئة العامة. ثم أخذوا عن الجهيمة نفي الصفات، وأن الصانع ليس مباينًا للعالَم خارجًا عنه. فقالوا: الوجودُ واحدٌ، وما ثَمَّ لا طاعةٌ ولا معصيةٌ.

ولهذا صار هؤلاء يُصنّفُ أحدهم في مفتاح غيب الجمع والوجود،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015