محمد بن سيرين وعليه جبّة صوف وإزار صوف وعمامة صوف، فاشمأزَّ منه محمد بن [سيرين] وقال: أظنّ أنّ أقوامًا يلبسون الصوف يقولون: قد لبسه عيسى بن مريم، وقد حدثني من لا أتهم: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد لبس الكتان والقطن واليمنية، وسنة نبينا أحقّ أن تُتَّبع.
ومقصود ابن سيرين بهذا: أنّ أقوامًا يرون أنّ لبس الصوف دائمًا أفضل من غيره، فيتحرّون ذلك تزهُّدًا وتعبّدًا، كما أنّ أقوامًا يرون أنّ ترك أكل اللحم وغيره من الطيّبات دائمًا أفضل من غيره، فيتحرّون ذلك، ويحرِّمون على أنفسهم طيِّبات ما أحلَّ الله لهم، حتى يروا التبتُّل أفضل من التأهّل، ونحو ذلك.
وهذا خطأ وضلال، بل يجب أن يُعْلم أن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هَدْي محمد. كما ثبت في «الصحيح» أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب يوم الجمعة بهذا فيقول: «إنّ خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد، وشرّ الأمور محدثاتها، وكلّ بدعةٍ [ضلالة]».
وفي مثل هؤلاء أنزل الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (87) وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِيَ أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ} [المائدة: 87 - 88].