والردّ عليهم أبو عبد الله البصري وأبو الوفاء ابن عقيل وأبو حامد الغزالي وأبو القاسم الشهرستاني وغيرهم.
وأما غالبُ الخلق فإنما ينقلون عنهم ما يظهره لهم من دون هؤلاء، وهو نفي الأسماء والصفات عن ذاتِه، كما يُظهِره هؤلاء الاتحادية، ليظنّ الجهال أن هذا تحقيق عظيم وتوحيد تائمٌ، وليقربوا بذلك من الصابئة الفلاسفة الذين يقولون: [ليس] له إلاّ صفة سلبية أو إضافية.
وقريبٌ منه مذهب الجهمية النافية للصفات، فإن هؤلاء لا ينفون الأسماء ولا الأحكام التي هي الصفات القولية الخبرية، وهو الإخبار عنه بأنه يخلق ويرزق، وإنما ينفون المعاني التي يستحقها بنفسه. وقد قَرَّرتُ فسادَ مذاهب هؤلاء في مواضع، وبيّنتُ في مخالفتَها للكتاب والسنة والإجمَاع ولفطرة الله التي فطر الناس عليها، وفسادها بالمقاييس العقلية والأمثال المضروبة.
وقد رأيتُ هؤلاءِ الغالية من الإسماعيلية الباطنية قالوا في البلاغ الأكبر والناموس الأعظم الذي هو الدرجة السابعة، وهو آخر المراتب عندهم، وهو جحود الصانع بالكلية وجحودُ النبوات والشرائع والجزاء في الآخرة، قالوا: إن أقرب الطوائف إليهم هم المتفلسفة الصابئة، قالوا: لكن ليس بيننا وبينهم خلافٌ إلاّ في واجب الوجود، يعنون الذي صدرتْ عنه الممكنات، فإنهم يُثبتونه ونحن لا نُثبته.
وهكذا حدثني بعض أكابر مشايخ هؤلاء الاتحادية، وكنتُ لما بينتُ له حقائقَ أمرِهم يتعجبُ من ذلك ويستعظمه ويقول: هؤلاء الفقهاء لا يفهمون هذا، صُمٌ بكمٌ عميٌ فهم لا يعقلون، حدثني أن