فبعض من وضعَ بعضَها وَضَعه بتأويل واجتهاد علمي ديني، واتفق على ذلك الفتوى والرأي من بعض علماء ذلك الوقت ووُزَرائِه، فإنه [لمّا] قامت دولة السلاجقة ونصروا الخلافة العباسية، وأعادوا الخليفة القائم إلى بغداد، بعد أن كان أمراءُ مصر من أهل البدع أولئك الروافض قد قهروه وأخرجوه عن بغداد، وأظهروا شعارَ البدع في بلاد الإسلام، وهي التي تُسمَّى فتنة البساسيري في نصف المئة الخامسة= حدثت أمورٌ:
منها: بناء المدارس والخوانق ووقفُ الوقوف عليها، وهي المدارس النظاميات بالعراق وغيره، والرباطات كرباط شيخ الشيوخ وغير ذلك.
ومنها: ذهاب الدولة الأموية من المغرب وانتقال الأمر إلى ملوك الطوائف.
وصنّف أبو المعالي الجويني كتابًا للنظام سماه "غياث الأمَم في التياث الظلم"، وذكر فيه (?) قاعدة في وضع الوظائف عند الحاجة إليها للجهاد، فإن الجهاد بالنفوس والأموال واجب، بل هو من أعظم واجبات الدين، ولا يمكن حصولُ الجهاد إلاّ بأموالٍ تُقَام بها الجيوش، إذْ أكثر النّاسِ لو تُرِكُوا باختيارهم لما جاهدوا لا بأنفسهم ولا بأموالهم، وإن تُرِكَ جمع الأموالِ وتحصيلُها حتى يحدث فتق عظيم من عدوّ أو خارجي كان تفريطًا وتضييعًا. فالرأي أن تُجمعَ الأموالُ ويُرصَدَ للحاجة.
وطريق ذلك أن توظَّف وظائفُ راتبةٌ لا يَحصُل بها ضررٌ، ويَحصُل