منه اجتهادٌ في محاربة أهل القبلة، والعلماء منهم من يرى رأيَه، ومنهم من لا يراه. وبكل حالٍ فإمامتُهما ثابتة، ومنزلتُهما من الأمة منزلتُهما، لكن أهل البدع الخوارج الذين خرجوا على عثمان وعلى علي جعلوا آراءهم وأهواءَهم حاكمةً على كتاب الله وسنة رسوله وسيرةِ الخلفاءِ الراشدين، فاستحلُّوا بذلك الفتنةَ وسفكَ الدِّماءِ وغيرَ ذلك من المنكرات.
وأما مَن بعد الخلفاء الراشدين فلهم في تفاصيل قبضِ الأموالِ وصَرْفِها طرق (?) متنوعة:
منها ما هو حق منصوص موافق للكتاب والسنة والخلفاء الراشدين.
ومنها ما هو اجتهاد يَسُوغُ بين العلماء، وقد يسقط الوجوب بأعذارٍ، ويباحُ المحظورُ بأسباب، وليس هذا موضع تفصيل ذلك.
ومنها ما هو اجتهاد، لكن صدوره لعدوانٍ من المجتهد وتقصيرٍ منه، شابَ الرأي فيه الهوى، فاجتمعت فيه حسنة وسيئة. وهذا النوع كثير جدًّا.
ومنه ما هو معصية محضة لا شبهة فيه بتركِ واجب أو فعلِ محرَّمٍ.
وهذه الأنواع الأربعة موجودة في عامة تصرفاتهم من الحكم والقَسْم والعقوبات وغير ذلك، إما أن يوافق سنة الخلفاء أو لا يوافق، والذي لا يوافق إما أن يكون معذورًا فيه كعذر العلماء المجتهدين