والمقصود هنا أنَّ مِن العلماء مَن كَرِهَ المُجاورة بمكة لِمَا ذكر من الأسباب وغيرها، ولكن الجمهور يستحبونها في الجملة إذا وَقَعَت على الوجه المشروع الخالي عن المفسدة المكافئة للمصلحة أو الرَّاجِحة عليها.
قال الإمام أحمد، وقد سُئل عن الجوار بمكة، فقال: وكيف لنا [به]، وقد قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إنَّكِ لأحب البِقَاع إلى الله، وإنَّكِ لأحب إلي" (?). وجابر جاوَرَ مكة، وابن عمر كان يُقيم بمكة.
وقال أيضًا: ما أَسْهَل العِبادة بمكة، النَّظَرُ إلى البيت عِبَادة.
واحتج هؤلاء بما رواه عبد الله بن عَدِيِّ بن الحمراء الزُّهْرِيِّ أنه سمع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول، وهو واقف بالحَزْوَرَةِ في سوق مكة: "والله إنكِ لخيرُ أرضِ الله، وأَحَبُّ أرضِ الله [إلى الله]، ولولا أَنِّي أُخْرِجْتُ منكِ ما خَرَجْتُ" رواه الإمام أحمد وهذا لفظه، والنسائي وابن ماجه والترمذي (?)، وقال: حديث حسن صحيح.
ورواه أحمد (?) من حديث أبي هريرة أيضًا. وعن ابن عباس قال قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "ما أَطْيَبَكِ مِن بلدٍ وَأَحَبَّكِ إلَيَّ، ولولا أنَّ قَومي أَخرجوني منك ما سَكَنْتُ غَيرَكِ". رواه الترمذي (?)، وقال: حديث حسن صحيح غريب.