وأيضًا فإنَّ أبا أيوب أخبر بنزول الآية في ذلك؛ لم يتكلَّم فيها برأيه، وهذا من ثابت روايته عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهو حجَّة يجب اتباعها.

وأيضًا فإن التهلكة والهلاك لا يكون إلا بترك ما أمر الله به أو فِعْل ما نَهَى الله عنه. فإذا ترك العباد الذي أُمِرُوا به، واشتغلوا عنه بما يصدهم عنه من عِمَارة الدنيا، هلكوا في دنياهم بالذلّ وقَهْرِ العدو لهم، واستيلائه على نفوسهم وذراريهم وأموالهم، وردِّه لهم عن دينهم، وعجْزِهم حينئذ عن العمل بالدِّين. بل وعن عِمَارة الدنيا وفُتور هممهم عن الدين، بل وفساد عقائدهم فيه. قال تعالى: (وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (217)) (?). إلى غير ذلك من المفاسد الموجودة في كل أمة لا تقاتل عدوها سواء كانت مسلمة أو كافرة.

فإن كل أمة لا تقاتل فإنها تهلك هلاكًا عظيمًا باستيلاء العدو عليها وتَسَلُّطه على النفوس والأموال. وترك الجهاد يوجب الهلاك في الدنيا كما يُشاهده الناس، وأما في الآخرة فلهم عذاب النار.

وأما المؤمن المجاهد فهو كما قال الله تعالى: (قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ (52)) (?). فأخبر أن المؤمن لا ينتظر إلا إحدى الحسنيين: إما النصر والظَّفَر وإما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015