للمسلمين، وأمُّه تنهاه عن ذلك، وهو لا يَقبل، ويُوقع بينهم فتنةً.
فليس من الواجب أن يترك نَصْرُ الله ورسوله والجهادُ في سبيل الله إذا كان عدوّ الله وعدوّ المسلمين قد وقع البأسُ بينَهم، بل هناك يكون انتهاز الفرصة، ولا يَحِلّ للمسلمين أن ينتظروهم حتى يطأوا بلاد المسلمين كما فعلوا عام أوّل، فإنّ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "ما غُزِيَ (?) قومٌ في عُقْر دارِهِم إلاّ ذَلُوا" (?).
والله قد فرض على المسلمين الجهاد لمن خرجَ عن دينه وإن لم يكونوا يقاتلونا، كما كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وخلفاؤه يُجهّزون الجيوش إلى العدو وإن كان العدوُّ لا يَقصِدُهم، حتى إنه لما توفي رسولُ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وكانت مصيبته أعظم المصائب، وتفرق الناس بعد موته واختلفوا، نَفَّذَ أبو بكر الصديق رضي الله عنه جيشَ أسامة بن زيد الذي كان قد أمره رسولُ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى الشام إلى غزو النصارى، والمسلمون إذ ذاك في غاية الضعف.
فلما رآهم العدوُّ فزِعوا وقالوا: لو كان هؤلاء .... (?) ما بعثوا جيشًا.
وكذلك أبو بكر الصديق لمّا حضرتْه الوفاةُ قال لعمر بن الخطاب: لا يَشغلكم مصيبتكم بي عن جهادِ عدوِّكم (?). وكانوا هم قاصدين