في أهل البدع المُضِلَّة. فإن مذهب الإمام الأعظم مالك بن أنس -إمام دار الهجرة ودار السنة، المدينة النبوية التي سُنَّتْ فيها السننُ، وشُرِعَتْ فيها الشريعةُ، وخرجٍ منها العلم والإيمان- هو من أعظم المذاهب قدرًا، وأجلها مرتبة. حتى تنازعت الأمَّة في إجماع أهل المدينة هل هو حجةٌ أم لا؟ ولم يختلفوا في أن إجماع أهلَ مدينةٍ غيرِها ليس بحجة. والصحيح أن إجماعهم في زمن الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان، فإن أمير المؤمنين عليًّا -رضي الله عنهم- انتقل عنها إلى الكوفة. وفيما نقلوه عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كالصاع وتَرْكِ صدقة الخضرات ونحو ذلك حجة يجب اتباعُها.
وكذلك الصحيح أن اجتهاد أهل المدينة في ذلك الزمن مُرجَّحٌ على اجتهادِ غيرِهم، فيُرَجَّح أحدُ الدليلين بموافقة عمل أهل المدينة.
وهذا مذهب الشافعي، وهو المنصوص عن الإمام أحمد وقول محققي أصحابه.
وكان لمالك بن أنس -رحمه الله- من جلالة القدر عند جميع الأمة، أمرائها وعلمائها ومشايخها وملوكها وعامتها، من القدر ما لم يكن لغيره من نظرائه، ولم يكن في وقته أجلُّ عند الأمَّة منه. وقد رُوِي حديثٌ نبويٌّ (?)، وفُسر به. ومن جاء بعده من الأئمة -رحمهم الله-