اكتبوها له حسنة فإنما تركها من جَرَّائي". أي: من أجلي. فالعبد إذا هَمَّ بالسيئة وتركها لله كان تركها لله حسنة كاملة، ولم يكن عليه إثم بذلك الهمِّ.
فيوسف الصديق لم يفعل قط سيئةً، بل هَمَّ وتَرَكَ ما هَمَّ به لَمَّا رأى برهان ربه، فكَتبَ الله له حسنة كاملة.
وبرهان ربه ما تبيَّن له به ما يوجب الترك، قال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ (201) وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ (202)) (?).
فالشيطان إذا زين المعصية يجعل في القلب ظلمة، ويضعف نور الإيمان، ولهذا سماه طائفًا، أي: يطيف بالقلب مثل ما يطيف الخيال بالنائم، ويغيب عن القلب حينئذٍ من أمرِ الله ونهيِه ووعدِه ووعيدِه ما يناقض ذلك، فإذا كان العبد متقيًا لله أمدَّه الله تعالى بنور الإيمان، فذكر ما في الذنب من عذاب الله وسخطه، وما يفوته به من كرامة الله وثوابه.
والبرهان ببصيرة القلب، فيوسف الصديق أبصرَ برهانَ ربه بقلبه، فتركَ ما همَّ به كل ذلك.
وأما ما يُذكر أنه تمثلَ له يعقوبُ في صورة جبريل وأنه عضَّ يده، أو أن جبريل أو يعقوب مسحَ على ظهره، أو رأى أنه مكتوب (?) =