وقضاء الشهوة إنما هو حصول المطلوب كله، فممتنع معه أن يطلب ما يُحصل ما قد حَصَل.
وكذلك السارق إنما يسرق لِما عنده من إرادة المال، ولكن من الناس من لا يقف عند حدٍّ، بل لو حَصَلَ عنده أي شيء كان أحبَّ الزيادة، ولهذا يسرق وإن لم يكن ثَمَّ منافعُ أُخَر.
وكذلك شارب الخمر يشربها لما يطلب بها من حصول اللذة وزوال الغم، فإذا كانت اللذة الحاصلة بالصلاة وذكر الله أكمل وهي تصده عن ذلك لم يكن عنده داعٍ إليها.
ومما يُبيِّنُ هذا قوله تعالى: (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ) (?)، مع قول الشيطان: (لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (83)) (?)، وقال تعالى في حق يوسف الصديق: (كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (24)) (?)، فإن عباده تعالى هم الذين عبدوه وليس المراد كل من خلقه، فإن الشياطين عباد بهذا الاعتبار، بل هذا كقوله تعالى: (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا) (?)، وقوله: (عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ) (?)، وقوله: (وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ) (?).