- يعدم الذنب تارة لعدم المقتضي، وتارة لوجود المانع

من ذلك، بل حب الله ورسوله الذي وجد حلاوته وهو أحب إليه من هذه المنهيات التي يبغضها الله ورسوله، ومتى وقع فيها نقص ذلك الحب وتلك اللذة الإيمانية.

فلو كانت اللذة الإيمانية الكاملة موجودة (?) لما قَدّم عليها لذة تَنقُصها وتزيلها، ولهذا يجد العبد في قلبه إذا كان مخلصًا لله واجدًا لحلاوة العبادة والذكرِ والمعرفةِ الصارف قلبَه عن هذه المحرمات فلا يلتفت إليها، كالمشغول بالجوهر إذا لاحت له قشور البصل، بخلاف ما إذا عَدِمَ هذه الحلاوة الإيمانية، فإنه حينئذٍ يميل إلى شيءٍ من المحرمات، وكذلك إذا كان في قلبه خوف الله التام وهو مؤمن، فإن هذا المحرم سبب يفضي به إلى عذاب الله وعقابه، بل إلى سخطه وغضبه والبعد عنه، فمتى خاف زوالَ محبوب أحبَّ إليه من ذلك، أو حصول مكروه أكره إليه من ذلك لم [يعد إلى] (?) هذه المحرمات.

فالذنب تارة يُعدَم لعدم المقتضي، وتارة لوجود المانع، والثاني هو الغالب، فإنه الداعي في النفس، والأول موجود إذا حَصَلَ في القلب من حلاوة الإيمان وطيبه ما يغنيه عن الذنب لم يبق له داعِ، كالجائع الذي أكل من الطعام الطَّيب ما يُغنيه عن الرديء، فإذا شبع لم يبق له داع، بل إذا كان قادرًا على هذه كان مكتفيًا عن ذلك.

وكذلك العطشان، والنفس مطلوبها ما يَسرُّها ويلذها، فإذا وجدت اللذة والسرور التام في أمر لم تشتغل عنه بما هو دونه في اللذة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015