فصل
في اسمه تعالى "القيُّوم"
وقد قرأ طائفةٌ "القَيَّام" و"القَيِّم"، وكلُّها مبالغاتٌ في القائم وزيادة. قال الله تعالى: (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ) (?)، (أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ) (?). فهو قائمٌ بالقِسط وهو العدلُ، وقائمٌ على كلِّ نفسٍ بما كسبت، وقيامُه بالقسط على كلِّ نفس يَستلزمُ قدرتَه، فدلَّ هذا الاسمُ على أنه قادر وأنه عادل.
وسنبيِّن أن عدلَه يستلزمُ الإحسانَ، وأن كلَّ ما يفعله فهو إحسانٌ للعبادِ ونعمةٌ عليهم. ولهذا يقول (?) عقيبَ ما يعدده من النعم على العباد: (فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (13))، وآلاؤه هي نِعَمُه، وهي متضمنةٌ لقدرته ومشيئته، كما هي مستلزمةٌ لرحمتِه وحكمتِه.
وأيضًا فلفظ "القيام" يقتضي شيئين: القوةَ والثبات والاستقرار، ويقتضي العدلَ والاستقامةَ، فالقائم ضدّ الواقع، كما أنه ضدّ الزائل،