فمن رفعَ جعلها مستثناةً من النهي، فلم تُنهَ عن الالتفات لأنها من المعذبين. ومن نصبَه جعلَه منقطعًا، فإنه لما نهاهم عن الالتفات، والالتفات مُوجب للعقوبة، فقد يكون منهم من لا يطيع فيُعاقَب، ومنهم من لا يُعاقَب، فكأنه قال: فهل تُطيع وتسلِّم؟ فقال: نعم إلا امرأتك. وقيل: إنها استثناء من قوله: {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ}، وقد ذكروا الوجهين في قراءة النصب، وهي قراءة نافع وغيره.

قال ابن الأنباري: على قراءة نافع يكون الاستثناء منقطعًا، معناه: لكن امرأتك فإنها تلتفتُ، فيُصيبها ما أصابهم. فإذا كان الاستثناء منقطعًا كان التفاتُها معصية لربِّها؛ لأنه نَدبَ إلى ترك الالتفات.

وقال الزجاج: من قرأ بالنصب فالمعنى: فأسْرِ بأهلك إلا امرأتك. ومن قرأ بالرفع حمله: ولا يلتفتُ منكم أحد إلا امرأتك، وإنما أُمِروا بترك الالتفات لئلا يروا عظيمَ ما نزلَ بهم من العذاب.

فإن قيل: فإذا جعل الاستثناء منقطعًا تكون منهيَّةً عن الالتفات، وعلى قراءة نافعٍ ليست منهيةً، والقراءتانِ لا تتناقضان.

قيل: الالتفات نوعان: نوع يكون مع محبة المعذبين، كالتفاتها. ونوع يكون مع بُغضِهم، كالتفاتِ لوطٍ لو التفتَ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015