أيضًا، لا سيما مع شدَّة اتصال العين بالقلب، فقيّد القلوب بذكر محلها دفعًا لتوّهم إرادة غيرها.
وأحسن من هذا أنْ يقال: إنَّه ذكر محل العمى الحقيقي الذي هو أولى باسم العمى من عمى البصر، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ليس الشديد بالصُّرَعة، إنما الشديدُ الذي يملك نفسه عند الغضب»، أي: هذا أولى بأنْ يكون شديدًا منه.
وقوله: «ليس المسكين بهذا الطوَّاف الذي تردُّه اللقمة واللقمتان، إنَّما المسكين الذي لا يجد ما يغنيه، ولا يُفطَن له فيتصدَّق عليه»، أي: هذا أولى باسم المسكين من الذي تسمّونه أنتم مسكينًا، ونظائر ذلك كثيرة.
أي: فعمى القلب هو العمى الحقيقي، لا عمى البصر، فأعمى القلب أولى أنْ يكون أعمى من أعمى العين، فنبّه سبحانه بقوله: {الَّتِي فِي الصُّدُورِ}، على أنَّ العمى هو العمى الباطن في العضو الذي محلّه الصدر، لا العمى الظاهر في العضو الذي محلّه الوجه. والله أعلم بما أراد من كلامه.