بغير رضاهم، فإنهم لم يُعطُوه قرضًا.

وهذه المسألة تحتاج إلى نظر وتحقيق، وأما الذي لا ريبَ فيه عندي فهو ما قبضَه بتأويلٍ أو جهلٍ فهنا له ما سلف بلا ريب، كما دلَّ عليه الكتاب والسنة والاعتبار، وأما مع العلم بالتحريم فيحتاج إلى نظر، فإنه قد يُقال: طَرْدُ هذا أن من اكتسب مالًا من ثمنِ خمرٍ مع علمه بالتحريم فله ما سلف. وكذلك كلُّ مَنْ كسب مالًا محرمًا ثم تاب، إذا كان برضا الدافع، ويلزم مثل ذلك في مهر البغيِّ وحُلوانِ الكاهن.

وهذا ليس ببعيد عن أصول الشريعة، فإنها تُفرِّق بين التائب وغير التائب، كما في قوله: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ}، وقال تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال:38]. وهذا في الكفار ظاهر متواتر عن الرسول صلى الله عليه وسلم، متفق عليه بين المسلمين، فإن الكافر إذا أسلم لم يجب عليه قضاء ما تركه من صيام وصلاة وزكاة، ولا يحرم ما اكتسبه من الأموال التي كان يعتقدها حلالًا، ولا ضمانَ عليه فيما أتلفَه، لأنه كان يعتقد حِلَّ ذلك.

وأما المسلم إذا تاب ففي قضاء الصلاة والصيام نزاع، ومما يُقوّي هذا أن هذا المال لا يتلف بلا نزاع، بل إما أن يتصدق به، وإما أن يدفع إلى الزاني والشارب الذي أخذ منه مع كونه مُصِرًّا، وإما أن يُجْعَل لهذا القابض التائب.

فإذا دفعه إلى الزاني والشارب فلا يقوله مَن يتصوَّر ما يقول، وإن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015