مغاضبةٌ ومباغضة، ثم قال: «فإذا أحببتُه كنتُ سمعَه» إلى آخره، إلى أن قال: «وما تردَّدتُ عن شيء أنا فاعلُه تردُّدي عن قبضِ نفسِ عبدي المؤمن، يكرهُ الموتَ وأكرهُ مساءتَه، ولا بدَّ له منه». فأخبرَ أنه يكرهُ ما يكرهُ عبدُه الموت، حتى يكره مساءتَه بالموت، مع أنه لا بدَّ له منه، ويُحِبُّ ما يُحِبُّ. والحبّ والكراهة أصلُ الرضى والغضب.
وأيضًا ففي صحيح مسلم عن معاوية بن قرة عن عائذ بن عمرو أن أبا سفيان أتى على سلمان وصهيب وبلال في نفرٍ، فقالوا: ما أخذَتْ سيوف الله من عُنُقِ عدوِّ الله مأخذَها. فقال أبو بكر: تقولون هذا لشيخِ قريش وسيِّدهم؟ فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال: «يا أبا بكرٍ لعلك أغضبتَهم، لئن كنتَ أغضبتَهم لقد أغضبتَ ربَّك»، فأتاهم، فقال: يا إخوتَاهْ! أغضبتُكم؟ قالوا: لا، يغفر الله لك يا أُخَيَّ أبا بكر.
فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكرٍ أنه إن كان أغضبَ أولئك المؤمنين الذين قالوا لأبي سفيان ما قالوا، وهم بلال وصهيب وسلمان ومن معهم من أهل الإيمان والتقوى، الذين أُمِرَ النبي صلى الله عليه وسلم أن يَصبر نفسَه معهم وإن كانوا مستضعفين، وأن لا يُطيعَ من أغفلَ قلبَه عن ذكر الله واتبعَ هواه وإن