وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لا يدخلُ النَّارَ واحدٌ بايعَ تحتَ الشجرة" (?).
فهذا حاطبٌ قد تجسَّسَ على رسولِ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في غزوة فتح مكة التي كان - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَكتُمها عن عدوِّه، وكتَمها عن أصحابه، وهذا من الذنوب الشديدة جدًّا. وكان يُسيء إلى مماليكه، وفي الحديث المرفوع: "لن يدخلَ الجنَّةَ سيئُ الملكة" (?). ثم مع هذا لمَّا شَهِدَ بدرًا والحديبيةَ غفرَ الله له ورَضِيَ عنه، فإن الحسنات يُذهبن السيئات. فكيف بالذين هم أفضلُ من حاطبٍ، وأعظمُ إيمانًا وعلمًا وهجرةً وجهادًا، فلم يُدْنِبْ أحدٌ قريبًا من ذنوبه؟!
ثم إن أمير المؤمنين عليًّا رضي الله عنه روى هذا الحديثَ في خلافته، ورواه عنه كاتبُه عبيد الله بن أبي رافع (?)، وأخبر فيه أنه هو والزبير ذهبا لطلب الكتاب من المرأة الظعينة، وأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شهد لأهل بدرٍ بما شهد، مع علمِ أمير المؤمنين بما جرى، ليَكفَّ القلوب والألسنة عن أن تتكلم فيهم إلا بالحسنى، فلم يأتِ أحدٌ منهم بأشدَّ ما جاءَ به حاطبٌ، بل كانوا في غالِب ما يأتون به مجتهدين، وقد قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إذا اجتهدَ الحاكم فأصابَ فله أجران، وإذا اجتهدَ فأخطأ فله أجرٌ"، وهذا حديث صحيح مشهور (?).