وأيضا فكون النبي قاتل معه أو قُتِل معه ربّيون كثير لا يستلزم أن يكون معهم في الغزاة، بل كل من اتبع النبي وقاتلَ على دينه فقد قاتل معه، وكذلك كل من قُتِل على دينه فقد قُتِل معه، وحينئذٍ تظهر كثرة هؤلاء، فإن الذين قاتلوا وأصيبوا وهم على دين الأنبياء كثيرون. ويكون في هذه الآية عبرة لكل المؤمنين إلى يوم القيامة، فإنهم كلهم يقاتلون مع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وإن كان النبي قد مات. والصحابة الذين كانوا يغزون في السرايا والرسولُ غائب عنهم كانوا معه وكانوا يقاتلون معه، وهم داخلون في قوله (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ) (?)، وفي قوله: (وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ) (?). فليس من شرط مَن يكون مع المطاع أن يكون رائيًا للمطاع.
وقد قيل في "ربّيين" هنا: إنهم العلماء (?)، واختاره الرمّاني والزجّاج، ورُوِي عن الحسن وعن سعيد بن جبير عن ابن عباس، وذلك قال ابن فارس (?): هم المتألّهون العارفون بالله. وهؤلاء جعلوا لفظ "الرِّبِّي" كلفظ "الربَّاني". وعن ابن زيد قال: هم الأتباع. كأنه جعلهم المربوبين.
والمعنى الأول أصحُّ من وجوه:
أحدها: أن الربانيين غيرُ الأحبار، وهم الذين يُرَبُّون الناس، وهم