مرفوعًا (?) وموقوفًا على بعض السلف: "الظلم ثلاثة دواوين: ديوان لا يغفر الله منه شيئا، وديوانٌ لا يَعبأ الله به شيئا، وديوان لا يترك الله منه شيئا. فالديوان الذي لا يغفره الله هو الشرك، والديوان الذي لا يَعبأ الله به شيئا ظلم العبد فيما بينه وبين ربه، والذي لا يترك منه شيئا ظلم العباد بعضهم بعضًا.
فالتوحيد ضدُّ الشرك، فإذا قام بالتوحيد الذي هو حقُّ الله، فعَبَدَه لم يُشرِك به شيئا، ومن عبادته التوكل عليه والرجاء له والخوف منه، فهذا يَخْلُصُ به العبد من الشرك. وإعطاءُ الناسِ حقوقَهم وامتناعه من العدوان عليهم يَخْلُص به العبدُ من ظلمهم، وبطاعة الله يَخْلُص من ظُلم نفسِه.
وتقسيمُه في الحديث إلى قوله "واحدةٌ لي وواحدة لك" هو مثل تقسيمه في حديث الفاتحة (?) حيث يقول الله تعالى: "قسمتُ الصلاة بيني وبين عبدي نصفين: نصفها لي، ونصفها لعبدي، ولعبدي ما سأل". والعبد يَعُود عليه نفعُ الصنفين، والله تعالى يُحِبُّ الصنفين، لكن هو سبحانه يُحِبّ أن يُعبَد، وما يُعطِيه العبدَ من الإعانة والهداية هو وسيلة إلى ذلك، فإنما يُحبُّه لكونه طريقًا إلى عبادته. والعبد يطلب ما يحتاج إليه أولاً، وهو محتاجٌ إلى الإعانة على العبادة والهداية إلى الصراط المستقيم، وبذلك يَصِل إلى العبادة. فهو يطلب ما يحتاج إليه أولاً مما يتوسَّل به إلى محبوب الربّ الذي فيه سعادتُه.