وأيضًا فإنه خيَّر بين مسلمٍ وكافر، وهذا لا يجوز عند الأئمة الأربعة وغيرهم، فإن القائلين بالتخيير لا يُخيِّرون بين مسلم وكافر، كالشافعي وأحمد. وأما القائلون بأن الكافرة لها حضانة كأبي حنيفة وابن القاسم فلا يُخيِّرون. لكن أبو ثور يقول بالتخيير، فيما حكاه عنه ابن المنذر. والجمهور على أنه لا حضانة لكافر، وهو مذهب مالك والشافعي والبصريين كسوَّار وعبد الله بن الحسن.

وقال أبو حنيفة وأبو ثور وابن القاسم صاحب مالك: الذمية في ذلك كالمسلمة، وهي أحق بولدها من أبيه المسلم، وهو قول الإصطخري من أصحاب الشافعي. وقد قيَّد ذلك أبو حنيفة فقال: هي أحقّ بولدها ما لم يعقل الأديان، ويخاف أن يألف الكفر.

والأب إذا كان مسلما كان الولد مسلمًا باتفاقهم. وكذلك إن كانت الأم مسلمة عند الجمهور، كالشافعي وأحمد وأبي حنيفة، فإنه يتبع عند الجمهور في الدنيا خيرَهما دينًا، وأما في النسب والولاء فهو يتبع الأب بالاتفاق، وفي الحرية أو الرقّ يتبع الأم بالاتفاق.

وقد حمل بعضهم هذا الحديث على أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - علم أنها تختار الأبَ بدعائه، فكان ذلك خاصًّا في حقّه.

وأيضًا فهذه القصة قضية في عين، والأشبه أنها كانت في أول زمن الهجرة، فإن الأب كان من الأنصار فأسلم، والأمّ لم تسلم.

وفي آخر الأمر أسلم جميع نساء الأنصار، فلم يكن فيهم إلا مسلمة، حتى قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "اللهمّ اغفر للأنصار ولأبناء الأنصار ولنساء الأنصار" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015