ركب دابة مكارئ يُكارِي بالأجرة، أو سفينة ملاّحٍ يركب الناس بالأجرة. فإن هذه إجارة عرفية عند جمهور العلماء، وتجب فيها أجرة المثل وإن لم يشترط ذلك. فهذه إجارة بأجرة المثل. وكذلك لو ابتاع طعامًا بمثل ما ينقطع به السعر، أو بسعر ما يبيع الناس، أو بما اشتراه به من بلده أو برقمه، فهذا يجوز في أحد القولين في مذهب أحمد وغيره.
وقد نصَّ أحمد على هذه المسائل ومثلها في غير موضع، وإن كان كثير من متأخري أصحابه لا يُوجَد في كتبهم إلا القول الآخر بفسادِ هذه العقود، كقول الشافعي وغيره. وبسطُ هذه المسائل في مواضع أخر.
والمقصود هنا كان مسائل الحضانة، وأن الذين اعتقدوا أن الأمَّ قُدّمت لتقدم قرابة الأمّ لمّا كان أصلُهم ضعيفًا كانت فروعُهم اللازمة للأصل الضعيف ضعيفة، وفسادُ اللازم يستلزم فسادَ الملزوم. بل الصواب بلا ريب أنها قُدّمت لكونها أنثى، فتكون المرأة أحقَّ بحضانة الصغير من الرجل، فتُقدَّم الأمّ على الأب، والجدة على الجد، والأخت على الأخ، والخالة على الخال، والعمة على العم. وأما إذا اجتمع امرأة بعيدة ورجلٌ قريب، فهذا لبسطِه موضع آخر، إذ المقصود هنا ذكر مسألة الصغير المميز، والفرق بين الصبية والصبي.
فتخييرُ الصبي الذي وردت به السنة أولى من تعيين أحد الأبوين له، ولهذا كان تعيين الأب كما قال مالك وأحمد في رواية، والتخيير تخيير شهوة. ولهذا قالوا: إذا اختار الأبَ مدةً ثم اختار الأمَّ فله ذلك. حتى قالوا: متى اختار أحدهما ثم اختار الآخر نُقِل إليه، وكذلك إن اختار ابتداء. وهذا قول القائلين بالتخيير: الحسن بن صالح والشافعي وأحمد بن حنبل. وقالوا: إذا اختار الأم كان عندها ليلاً،