يتنازعوا في أن المسجد المبني على قبرِ لا فرقَ بين أن يُبنَى على قَبرٍ أو أكثر، كالذين لعنَهم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فإنهم إنما كانوا يَبنُون المسجد على قبرٍ واحد، قبرِ نبي أو رجلٍ صالح. وإن كان بعضُ من نهَى عن الصلاة في المقبرة علَّلَه بالنجاسة، فإنه لا يُعلِّل الصلاة في المسجد المبني على قبر بالنجاسة، بل قد نَصَّ هؤلاء -كالشافعي وغيرِه- على أن العلَّة هنا خشيةُ الافتتان بالقبر التي هي الشرك.
وأما الصلاة في المقبرة فالعلة الصحيحة عند محققيهم أيضاً إنما هي مُشابهتُه للمشركين وأن ذلك قد يُفضِي إلى الشرك، كما نهى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن الصلاة وقتَ طلوع الشمس ووقتَ غروبها، وقال: إنه حينئذٍ يَسجُد لها الكفَّار (?). ولهذا نهى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن الصلاة إلى القبور، كما ثبت ذلك في صحيح مسلم (?) وغيره عن أبي مَرثد الغنوي أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "لا تجلسوا على القبور ولا تُصَلُّوا إليها". فنهى أن يكون في القبلة قبر.
وفي صحيح البخاري (?) عن أنس قال: كنتُ أصلِّي وهناك قبرٌ، فقال عمر بن الخطاب: القبر القبر! فظننتُه يقول: القمر، وإذا هو يقول: القبر. أو كما قال.
وإذا كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد نهى عن الصلاة إلى القبر وإن لم يَقصِد العبدُ السجودَ له، فكيف بمن يسجد للقبرِ؟ فإن هذا شرك. وقد روى