والكاذب، ويجب عليهم طاعةُ اللهِ ورسوله كما يجب على سائر الأمة، ويجب أن تُقامَ عليهم الحدود كما تُقامُ على غيرِهم، فإن في الصحيحين (?) أن امرأةً كانت ذاتَ شَرَفٍ سَرَقت على عهد رسولِ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فأمر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بقطع يدِهما، فشقَّ ذلك على أهلها، وقالوا: من يُكلِّم فيها رسولَ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ فقالوا: ومن يجترئ عليه إلا أسامةَ بن زيد، فكلَّمه فيها أسامةُ، فغَضِبَ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقال: "يا أسامة! أتَشفَعُ في حدٍّ من حدود الله تعالى؟ إنما هلك من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سَرَقَ فيهم الشريف تركوه، وإذا سَرَق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحدَّ.
والذي نفسُ محمدٍ بيده لو أن فاطمة بنت محمدٍ سرقتْ لقطعتُ يدها".
وليس لأحدٍ أن يعتدي على أحدٍ سواء كان شريفًا أو لم يكن، ومتى اعتدى الشريف أو غيره على الناس كان لهم أن يعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليهم، فإن قال لمسلم: يا كلب يا خنزير! كان له أن يقول له: يا كلب يا خنزير!، ولو قال له: لعنَك الله، كان له أن يقول له: لعنك الله، وإن ضربَه بغير حق ضَرَبَ كما ضَربه، وإن أَخذ ماله بغير حق أَخذ من ماله بقدر ما أخذ من ماله. فإن المسلمين متفقون على أن القصاص ثابت بين الشريف وغير الشريف في الدماء ونحوها. ولو قذفَ الشريفُ رجلاً محصنًا أقيم عليه حدُّ القذف كما يقام على غيره. وليس لأحدٍ أن يَسُبَّ من لا يَسبَّ، سواء كان شريفًا أو لم يكن، بل له أن يعاقب من ظلمه ولا يتعدى إلى غيره. وفي الصحيحين (?) عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: "من أكبر الكبائر أن يَسُبَّ الرجل والدَيْه"،