يكن شرطُ الفاعل وجود مفعول، فيلزم من وجود المفعولِ المنصوبِ وجودُ فاعلٍ، ولا ينعكس. بل يلزم من وجودِ اسمٍ منصوب أو مخفوضٍ وجودُ مرفوعٍ، ولا يلزم من وجود المرفوع لا منصوبٌ ولا مخفوضٌ، إذِ الاسمُ المرفوع -مُظْهَرًا أو مُضْمَرًا- لابُدَّ منه في كل كلام عربي، سواءٌ كانت الجملة اسميَّةً أو فعليةً.
فقد تبيَّن أن لفظ الشرط في هذا الاصطلاح يدلُّ عدمُه. على عدمِ المشروط ما لم يَخْلُفْه شرط آخر، ولا يدلُّ ثبوتُه من حيث هو شرط على ثبوت المشروط.
وأما الشرط في الاصطلاح الذي يتكلَّم به في باب أدوات الشرط اللفظية -سواءٌ كان المتكلم [نحويًّا] أو فقيهًا وما يتبعه من متكلم وأصولي ونحو ذلك- فان وجودَ الشرط يقتضي وجودَ المشروط الذي هو الجزاء والجواب، وعدمُ الشرط هل يدلُّ على عدم المشروط؟ مبنيٌّ على أن عدم العلَّة هل يقتضي عدم المعلول؟ فيه خلاف وتفصيل قد أُومِئ إليه.
الخوف (?) لو فُرِضَ عَدَمُه لكان مع هذا العدم لا يَعصي الله، لأن تركَ المعصية له قد يكون لخوف الله، وقد يكون لأمرٍ آخر: إما لنزاهة الطبع أو إجلال الله أو الحياء منه أو لعدم المقتضي إليها، كما كان يقال عن سليمان التيمي: إنه كان لا يُحسِنُ أن يَعصِيَ الله. فقد أخبرنا عنه أن عدمَ خوفِه لو فُرِضَ موجودًا لكان مستلزمًا لعدم معصية الله، لأن هذا العدم يضاف إلى أمورٍ أخرى: إمّا عدمُ مُقتَضٍ أو وجودُ مانع، مع أن هذا الخوف حاصلٌ.