الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآلِه أجمعين، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد، فهذا فصل في الفرق بين ما أمر الله تعالى به ورسولُه من إخلاصِ الدين لله وشريعتهِ، وبين ما نهى عنه من الإشراك والبدع في زيارة القبور ونحو ذلك، فنقول:
زيارة القبور جائزة، سواء كان الميِّتُ مسلمًا أو كافرًا، لكن يُفرَّق بينهما في الزيارة، فأما الكافر فيُزَار قبرُه ليُذكر الموت، ولا يجوز الاستغفارُ له ولا الدعاءُ له بالرحمة ونحو ذلك، لما ثبت في الصحيح (?) عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: "كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها فإنها تُذكِّر الآخرة". وثبتَ عنه في الصحيح (?) أنه قال: "استأذنتُ ربّي في أن أزورَ قبرَ أمي فأَذِنَ لي، واستأذنتُه في أن أستغفر لها فلم يأذن لي. فزوروا القبور فإنها تُذكِّر الآخرة".
وقد زار أمَّه في ألف مقنع عام فتح مكة، فبكى وأبكى من حولَه، وقد كانت أمُّه ماتتْ كافرة فيِ الجاهلية قبل أن يَبلُغَ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وكذلك في الصحيح (?) أنه حَضرَ عمَّه أبا طالب حينَ موته، وعنده أبو جهلٍ وعبد الله بن أبي أمية، فقال: "يا عَمِّ! قل: لا إله إلا الله، كلمة أُحاجُّ لك بها عند الله"، فقالا: يا أبا طالب! أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فقال: "لأستغفرنَّ لك ما لم أُنْهَ عنك"، فأنزل الله تعالى: