وقال: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) (?)، وقال: (إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَى) إلى قوله: (وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى) (?).
وكذلك الحمد، كلَّما حَمِدَ العبدُ ربَّه تحققَ حمدُه في قلبه معرفةً بمحامدِه ومحبةً له وشكرًا له. والألف واللام في قوله (الْحَمْدُ لِلَّهِ) فيها قولان (?)، قيل: هي للجنس، كما ذكره بعض المفسرين من المعتزلة، وتَبعَه عليه بعض المنتسبين إلى السنة. والثاني -وهو الصحيح-: أنها للاستغراق، فالحمد كلُّه لله، كما جاء في الأثر: "لك الحمد كله، ولك الملك كلُّه". فله الحمد حمد مستقل، وله الملك ملك مستقل، ولكن هو سبحانه يُؤتي الملك من يشاء، والذي يُؤتيه هو من ملكه، وكلُّ ما تصرَّف فيه العبد فهو من ملك الربّ، وهو مستقل بالملك، ليس هذا لغيره، كذلك الحمد هو مستقل بالحمد كلِّه، فله الحمد كلُّه وله الملك كلُّه، وكلُّ ما جاء به الإذن من موجود فله الحمد عليه، وكلُّ ما يجعله للعباد مما يُحمَدون عليه فله الحمد عليه، وإذا ألهمهم الحمدَ فهو الذي جعلهم حامدين.
والمعتزلة لا يُقِرُّون بأنه جعلَ الحامدَ حامدًا والمصلّيَ مصليًا والمسلمَ مسلمًا، بل يُثبِتُون وجود الأعمال الصالحة من العبد لا من الله، فلا يستحق الحمد على تلك الأعمال على أصلهم، إذ كان ما أعطاهم من القدرة والتمكين وإزاحة العلل قد أعطَى الكفار مثله، لكن المؤمنون استقلوا بفعل الحسنات، كالأب الذي يُعطي ابنَيه