من كل شيء، فلا يبقى لمخلوقِ على القلب ربَّانية تُساوِي ربَّانيةَ الرب، فضلاً عن أن يكون مثلَها، وهذا داخل في التوحيد لا إله إلا الله، فلا يكون في قلبه لمخلوقِ شيء من التألُّه لا قليل ولا كثير، بل التألُّه كلُّه لله، ولكن المخلوق عنده نوع من القدر والمنزلة والمحبة، وليست كقدر الخالق، والمحبّة المأمور بها هي الحبّ لله، كحبّ الأنبياء والصالحين، فهو يحبُّهم لأنّ الله أمر بحبِّهم، فهذا هو الحبّ الله. فأما من أحبَّهم مع الله فهذا مشرك، كما قال تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ) (?). فالحبُّ في الله إيمان، والحبُّ مع الله شرك.
وكذلك إذا قال "سبحان الله والحمد لله" فقد نزَّه الربَّ، فنزَّه قلبَه أن يصف الربَّ بما لا ينبغي له، فكلَّما سبَّح الربَّ تنزَّهت نفسُه عن أن يصف الربَّ بشيء من السوء، كما قال سبحانه: (سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (180)) (?)، وقال: (سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوّاً كَبِيراً (43)) (?).
فهو سبحانَه سبَّح نفسَه عما يَصِفه المفترون والمشركون، فإذا سبّح الربّ كان قد زكى نفسَه. وقد سمَّى الله الأعمال الصالحة زكاة وتزكيةَ في مثل قوله: (وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ (6) الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ) (?). قال ابن أبي طلحة عن ابن عباس: (وَيُزَكِّيهِمْ) قال: يعني بالزكاة