العارفين، وهذا المعنى صحيح، لكن ليس بطائل، فإن الأنبياء والرسل والملائكة والجنة والنار وما شاء الله من مخلوقاته هي أكبر مما يعرفه الناس، قال الله تعالى (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ)، وقال تعالى: "أعددتُ لعبادي الصالحين ما لا عين رأتْ ولا أذنٌ سمعتْ ولا خَطَر على قلبِ بشر" (?).
فبعض مخلوقاته هي أكبر في معرفة الخلق من البعض، بخلاف ما إذا قيل إنه أكبر من كل شيء، فهذا لا يشركه فيه غيرُه. وبذلك فَسَّر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هذه الكلمة في مخاطبته لعدي بن حاتم حيث قال: "أيُفِرّك أن يقال الله أكبر؟ فهل من شيء أكبر من الله؟ ".
وعلى هذا فعِلمُه أكبر من كل علم، وقدرتُه أكبر من كل قدرة، وهكذا سائر صفاته، كما قال تعالى: (قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) (?). فشهادته أكبر الشهادات.
فهذه الكلمة تقتضي تفضيلَه على كل شيء مما تُوصف به الأشياء من أمور الكمالات التي جعلَها هو سبحانه لها. وأما التهليل فيتضمن تخصيصَه بالإلهية، ليس هناك أحد يتصف بها حتى يقال إنه أكبر منه فيها، بل لا إله إلا الله. وهذه تضمنت معنى نفي الإلهية عمّا سواه وإثباتها له، وتلك تضمنت أنه أكبر مطلقًا، فهذه تخصيص وهذه تفضيل لما تضمنه التسبيح والتحميد من النفي والإثبات، فإنّ كل ذلك إما أن يكون مختصًّا به، أو ليس كمثله أحدٌ فيه.