أمسى موقنًا به فماتَ من ليلتِه دخل الجنة. رواه البخاري (?).
وقوله "أبوءُ لك بنعمتك عليَّ" أي أَعترِف وأُقِرُّ بنعمتك، وأعترف وأُدرُّ بذنوبي. فمن قال: إنه لا يُؤاخَذ، أو إنه لم يُذنِب ولم يُخطِئْ، أو إنّ من شَهِدَ الحقيقةَ سقطَ الأمرُ والنهيُ والعقابُ والثوابُ-: فهو مشركٌ أكفر من اليهود والنصارى، ومن قال: إن الله لم يُقدِّرْ ذلك ولم يَقضِه، فهو من مجوس هذه الأمة القدرية. ومن آمنَ بأن كلَّ شيء بقضاءِ الله وقدره، وعَلِمَ أن القدرَ يُؤمَن به ولا يُحتَجُّ به على الله، وأنه ليس للعبد على ربّه حُجَّة، بل لله الحجة البالغة، فإذا عَمِلَ حسنةً شكَرَ الله عليها، وإذا عَمِلَ سيئةً استغفر الله منها-: فهو موحِّد.
ومن قال: إن الحسنات والسيئات في هذه الآية المراد بها الطاعات والمعاصي، كما في قوله (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا) (?) فهو مخطئٌ غالط، فإنّ هذا يَلزم منه تناقضُ القرآن، فإنه قد أخبرَ أن كُلاًّ من عند الله، وأخبر أن الحسنة من الله والسيئة من نفسك. وأيضًا فإنه قال "ما أصابك"، ولم يقل "ما أصبتَ"، فلو أراد أفعالَ العباد لقال: "ما أصبت" أو "ما كسبتَ" أو "ما فعلتَ" ونحو ذلك. ولكن أرادَ النِّعَم والمصائب، وهي جميعُها من عند الله، لكن النعم من إنعامه وإحسانه، والمصائب بسبب ذنوب العباد، ولهذا قال: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33)) (?). والله أعلم. أجاب به أحمد بن تيمية أيَّده الله تعالى.