الرابع: أنه لا معادَ أصلاً، لا لروع ولا لبدنٍ، وهو قولُ أكثر مشركي العرب، وكثيرٍ من الطبائعيين والمنجِّمين وبعض الإلهيين من الفلاسفة.
فعلى هذين القولين يُنكَر حَشْرُ البهائم، وعلى القول الأول يقبل الخلاف.
المسألة الثالثة
أن من لا تكليفَ عليه -بل قد رُفِع عنه القلم- هل يُعذب في الآخرة؟
وهنا مسألة أطفال المشركين، فمن قال من أصحابنا وغيرِهم: إنهم يُعذَّبون تبعًا لآبائهم، قال بعذاب غيرِ المكلَّف تبعًا؟ ومن قال: يدخلون الجنة من أصحابنا وغيرهم، قَال بتنعيمهم.
والصواب الذي دل عليه الكتاب والسنة أنهم لا يُعذَّبون جميعُهم ولا يُنعَّمُون جميعُهم، بل فريق منهم في الجنة وفريقٌ في السعير كالبُلَّغ. وهذا مقتضى نصوص أحمد، فإن أكثر نصوصِه على الوقف فيهم، بمعنى أنه لا يُحكَم لأحدٍ منهم لا بجنة ولا بنارٍ، فدلَّ على جواز الأمرين عنده في حقّ المعيَّن منهم. وأما تجويز الأمرين في حقّ مجموعهم فلا يلزمه، وهذا قول الأشعري وغيره.
وبهذا أجاب رسولُ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما سُئِل عنهم فقال: "الله أعلم بما كانوا عاملين" (?)، فبيَّن أن الأمرَ مردودٌ إلى علمِ الله بما كانوا يعملون لو بلغوا.