أخبر أنه أنزل الماء من المزن، وهو السحاب، كما أخبر أنه أنزله من المعصرات، وهو المراد بقوله (وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ) في مواضع أخر (?)، وبيَّن أنه لو شاء لجعله أجاجا، كما قال تعالى: (وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ) (?)، وقال تعالى: (وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ) (?)، فبيَّن أن كلاّ من البحرين جعل فيه صفة قائمة به، عذوبة هذا وملوحة هذا، وامتنّ على عباده بذلك، وأنه لو شاء لجعل العذب أجاجًا، فدلَّ على أن المياه المشروبة مخصوصة بصفة جعلَها بها تُشرب، وأنه لو جعلَه أُجاجًا لما شرِب، وبيَّن أن أحد الجسمين يختصه بصفة يَحصُل بها الانتفاع ويختص أحدهما بقوة يكون بها الفعل.
وقال تعالى: (وَجَعَلْنَا سِرَاجاً وَهَّاجاً (13) وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجاً (14) لِنُخْرِجَ بِهِ حَبّاً وَنَبَاتاً (15) وَجَنَّاتٍ أَلْفَافاً (16)) (?)، وقال تعالى (وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً (48)) (?) (أَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ) (?)، وقال تعالى: (هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (138)) (?)، وقال تعالى: (فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (10)) (?) أي صنف كريم، وهو الكثير المنفعة.