الألفاظ ليست منصوصة في الكتاب ولا في السنة ولا الإجماع. والناطقون بها قد يُرِيدون معنى صحيحًا، وقد يريدون معنًى فاسدًا، فمن أراد معنًى صحيحًا يوافق الكتابَ والسنة كان ذلك المعنى مقبولاً منه، وإن أراد معنًى فاسدًا يخالفُ الكتابَ والسنة كان ذلك المعنى مردودًا عليه.
فإذا قال القائل: إن الله في جهةٍ، قيل له: ما تُريد بذلك؟ أتريدُ بذلك أنه في جهة موجودة تحصرُه وتُحِيط به، مثل أن يكون في جوف السماء؟ أم تريد الجهةَ أمرًا عدميًّا؟ وهو ما فوق العالم، فإنه ليس فوق العالم شيء من المخلوقات. فإن أردتَ الجهةَ الوجوديةَ وجعلتَ اللهَ محصورًا في المخلوقات فهذا باطل، وإن أردتَ الجهةَ العدمية وأردتَ أن الله وحدَه فوقَ المخلوقات بائن منها فهذا حق، وليس في ذلك شيء من المخلوقات حَصرَه ولا أحاطَ به ولا عَلاَ عليه، بل هو العالي عليها المحيط بها، وقد قال تعالى: (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (67)) (?).
وقد ثبت في الصحيح (?) عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إنّ الله يقبض الأرض يومَ القيامة، ويطوي السماوات بيمينه ثم يُهزهِز، ثم يقول: أنا الملك، أين ملوك الأرض؟ ". وقال ابن عباس (?): ما السماوات السبع والأرضون السبع وما فيهن وما بيتهن في يد الرحمن إلا كخردلةٍ في يد أحدكم.
وفي حديث آخر: أنه يرميها كما يَرمي الصبيانُ الكرةَ. فمن يكون