مسألة
سُئِل عنها سيِّدُنا وشيخنا وإمامُنا الشيخ الإمام العالم العامل الناسك البارع المجتهد السالك المحقّق المدقّق مُفتِي الفِرق ناصرُ السنن قامعُ البدع فريدُ عصرِه وواسطةُ عِقْدِ دِهرِه، شيخ الإسلام تقي الدين أبو العباس (?) أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن محمد بن تيمية الحرَّاني -متَعَنا الله بعلومه الفاخرة، وأسبغَ عليه نِعَمَه باطنةً وظاهرة، وأثابَه في الدنيا والآخرة- بالديار المصرية، فيمن قال: إن نسبة البارئ تعالى إلى العُلُوَّ من جميع الجهات المخلوقة، وأنه يُدعَى من أعلَى لا من أسفلَ، وأنه بائنٌ من خلقِه، لا يُتصوَّر ذلك في الذهن إلا إذا فرضنا أن ذاتَ الحقِّ فلكيَّةٌ محيطةٌ بالفلك؟ إذ الفلك مستديرٌ محيطٌ بالخلق. فهذا التصوُّر حقٌّ أم لا؟ وإذا لم يكن حق (?) فما الدليلُ الخاصم بحجته بما يقبله العقل الصحيح؟ أفتونا مأجورين رضي الله عنكم أجمعين.
أجاب -رضي الله عنه-
الحمد لله. بل هذا التصور باطلٌ، وأما بيانُ بطلانِه فله طرقٌ كثيرة، وذلك أنَّ هذا القائل يقول: لو كان البارئ سبحانَه فوقَ المخلوقات وهو بائن من مخلوقاتِه، لَوجبَ أن يكونَ فلكًا محيطًا بالأفلاك، لأنَّ الفلك التاسع مستديرٌ، وهو محيطٌ بسائرِ الأفلاكِ وما في جَوفِها، والمحدّد للجهات هو سَطْحُ الفلك التاسع، فلو قدَّرنا