قال طائفة من السلف: يسألهم مَن خلق السماوات والأرض؟ فيقولون: الله، وهم يعبدون غيره. وإنما كانت عبادتهم إيَّاهم أنهم يدعونهم ويتخذونهم وسائطَ ووسائلَ وشُفعاءَ لهم، فمن سلكَ هذا السبيلَ فهو مشرك بحسب ما فيه من الشرك.
وهذا الشركُ إذا قامت على الإنسان الحجةُ فيه ولم يَنتهِ، وَجَبَ قتلُه كقتلِ أمثالِه من المشركين، ولم يُدفَنْ في مقابرِ المسلمين، ولم يُصَلَّ عليه. وإمَّا إذا كان جاهلاً لم يَبلُغْه العلمُ، ولم يَعرِف حقيقةَ الشرك الذي قاتلَ عليه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المشركين، فإنه لا يُحكَم بكُفْرِه، ولاسِيَّما وقد كَثُر هذا الشركُ في المنتسبين إلى الإسلام، ومن اعتقدَ مثلَ هذا قُربةً وطاعةً فإنه ضَالٌّ باتفاقِ المسلمين، وهو بعد قيامِ الحجة كافر.
والواجبُ على المسلمين عمومًا وعلى وُلاةِ الأمور خصوصًا النهيُ عن هذه الأمور، والزَّجْرُ عنها بكلِّ طريق، وعقوبةُ مَن لم ينتهِ عن ذلك العقوبةَ الشرعيةَ، والله أعلم.
فصل
والواجب على المشايخ أن يأمروا أتباعَهم بطاعةِ الله ورسوله، فيفعلوا ما أمر الله ورسولُه به، ويتركوا ما نَهى الله ورسولُه عنه، ويَتَبعوا كتابَ الله وسنةَ رسولِ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولكن المقصود بذلك دعوتهم إلى عبادة الله وحدَه لا شريك له وطاعة رسوله. والشيوخُ يبلِّغون عن الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما أمر به أمته من الدين الذي أمر الله به، ويتبعون لخلفائه الراشدين، كما قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إنه من يَعِشْ منكم فسَيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنَّة الخلفاء الراشدين المهديين، تَمسَّكوا بها