وهؤلاء أهلُ اللغة، وأعلمُ بها وبمعاني الكتاب ممَّن بعدهم، فإن كانوا أرادوا أن اللفظ يشملها لغةً فقولهم في ذلك مقبول (?)، وإن كانوا أرادوا أن الشرع نقَل اسم «المَيْسِر» إلى أعمَّ من معناه في اللغة فهم ثقاتٌ في ذلك.

وإن لم يثبت أن اللفظ يشملها أُلحِقَت بالمَيْسِر من جهة المعنى، كما أن النبيذ المختلف فيه أدرجناه في اسم «الخمر» تارةً بالنقل وتارةً بالقياس.

فنقول: المَيْسِر قد بيَّن الله علَّة (?) تحريمه بقوله: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ}، وهذه العلَّة موجودةٌ فيه سواءٌ اشتمل على بدل المال أم لم يشتمل؛ فإن اللاعبين بالشِّطْرَنج إذا استكثروا منها صدَّتهم عن ذكر الله وعن الصلاة، وألهت عقولهم حتى عن الأكل والشرب، وأوقعت بينهم عدواةً وبغضاء، كما يُعْلَم ذلك من استقراء أحوال مُدمِنيها. والقليلُ مِن لعبِها يدعو إلى الكثير، كما يدعو قليلُ الخمر إلى كثيره، وقد يفعل في النفوس شرًّا من فعل الخمر.

وقد ثبت عن علي بن أبي طالب رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنه مرَّ على قوم يلعبون بالشِّطْرَنج، فقال: «ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون؟ ! » (?)، فشبَّه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015