غِناه، قال الله تعالى: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى • أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} [العلق: 6 - 7]، فإذا رآه استغنى طغى، وهو لا يستغني في الحقيقة قطُّ، لكن يرى نفسَه مستغنيةً رؤيةً كاذبة.
قال: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى • وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى • فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى • وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى • وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى • فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} [الليل: 5 - 10]، واستغناؤه هنا كقوله: {أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى • فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى} [عبس: 5 - 6]، فالمستغني: الذي لم ير نفسه محتاجًا، فيخضعَ خضوعَ المحتاج، ويقصدَ قصدَ المحتاج.
قال سهل بن عبد الله: «ليس بين العبد وبين الله طريقٌ أقرب إليه من الافتقار، ولا حجابٌ أغلظ من الدعوى» (?).
وأصل كلِّ خيرٍ في الدنيا والآخرة الخوفُ من الله.
وهذا الافتقار هو من العبودية التي قال فيها: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} [الحجر: 42]، وإلا فجميع المخلوقات هي في نفس الأمر مفتقرةٌ إلى الله تعالى، وهم عبادٌ مُعَبَّدون (?) له، يصرِّفهم بمشيئته وقهره، ولكنهم لا يشهدون هذا ولا يشهدون (?) من أنفسهم الخضوع والعبودية والذل، بل