- منشأ الغلط في تفسير الآية

نوعُ فرقٍ، حتى يتميز المُعَادُ من المبتدأ، فأما إذا كان هو إيَّاه من كل وجهٍ فهذا لا يقال فيه: إنه أعادَهُ، ولا عاد إليه.

وقد يقال لمن فعلَ فعلاً وقَطَعه لتعَب أو شغلٍ ونحو ذلك: عُدْ إلى ما كنتَ، وعُدْ إلى حالك، لأن الأول حصل عقبَه فتور تميَّز به عن الثاني، فلو وصل الثاني بالأول لم يُقَل: إنه عاد. فإذا قال: أنتِ على كظهر أمّي، أنتِ على كظهرِ أمّي، أو قال: والله لا أطأكِ، والله لا أطأكِ، لم يُقَلْ: إن قول الثاني عود إلى الأول، بل هو تكريرٌ محضٌ.

وأيضًا فالذي قالوه لو كان صحيحًا محتملاً إنما يجب الجزم به إذا كانت ما مصدرية، أي ثم يعودون إلى قولهم، وليس في الآية ما يُوجب ذلك، بل يجوز أن تكون ما موصولة، أي إلى الذي قالوه.

وهذا أَظهر، فإن كونها موصولة أكثر في الكلام، ولفظ العود يُستعمل في مثلِ هذا، كقوله: (ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ) (?).

وهذا منشأ غلط طائفةٍ من الناس في الآية، فإنهم ظنّوا أن ما مصدرية، وأن المعنى: ثم يعودون لقولهم، ولم يفهموا معنى كونها موصولة.

ثم هؤلاء الذين ظَنُّوا أنها مصدرية قالوا أقوالاً كلُّها باطلة، فقال داود ومن وافقه (?): إن العود تكرير القول. وهذا القول لا يُعرَف عن أحدٍ قبلهم، وقيل: إنه مروي عن بكير بن الأشج.

وقال طائفة من أهل العربية ما قاله ابن قتيبة من أن قوله: يتظاهرون في الجاهلية، ثم يعودون إليه في الإسلام. وهو قولٌ فاسدٌ أيضًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015