فهذه أصول الشرع كلُّها تُبيّن أن الجنس المحرم لا يسقط حكم المرة، ويغير الحكم في المرتين، فمدَّعي مثل ذلك في الظهار ادَّعى على الشارع ما هو مخالف لأصوله وقواعدِه ومقاصده المعروفة.
وهؤلاء إنما أتوا من لفظ (ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا)، ظنّوا أن المراد بذلك أن يُكرِّر قوله الأول، وهذا اللفظ لا يستعمل في مثل هذا المعنى، فلا يقال لمن كرَّر قوله: إنه عاد إلى قوله، إلاّ إذا اختصّ الثاني بمعنًى يقتضي أنه لا يعود، مثل أن يُستتاب من قولٍ ثم يعود إليه، فيقال: عاد إلى قوله؛ لأن التوبة تقتضي رجوعه عنه، فإذا نقضها فقد عاد إلى الذنب. وكذلك إذا نُهِي عن فعلٍ أو قولٍ ثم فعلَه وقاله. قال تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ) (?)، وقال تعالى في حق بني إسرائيل: (عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا) (?) أي إن عدتم إلى الذنب عدنا إلى العقوبة، وإن عدتم إلى التوبة عدنا إلى الرحمة. فأما من كرّر القول أو الفعل، مثل من يسبّح في الصلاة ثلاثًا أو أكثر من ذلك، أو يستغفر مرات، فإنه لا يقال في المرة الثانية والثالثة: إنه عاد.
فهؤلاء غَلِطُوا في فهم القرآن واللغة التي بها نزل القرآن، ولهذا قال الزجاج (?): هذا قول من لا يدري اللغة. ومثل هذا يقع كثيرًا ممن يدَّعي التمسُّكَ بظاهر القرآن والحديث، وقد غَلِطَ في ذلك، ليس ما ادعاه هو الظاهر الذي دلَّ عليه اللفظ.
ولفظ الإعادة والعود حيث استُعمِل لابدّ أن يكون بينه وبين الابتداء