الذي يقبل الصحة والفساد ليس من باب الأفعال والتأثيرات التي لا يمكن رفعُ موجبها، فإن الطلاق كالنكاح والعتاق والظهار ونحو ذلك مما إذا تكلم به يقع تارةً ولا يقعُ أخرى، ليس وقوعه من لوازم إيقاعِه.

- الطلاق ينقسم إلى صحيح وفاسد

والطلاق عند أصحابنا وغيرهم ينقسم إلى صحيح وفاسد، كما قالوا - واللفظ لأبي الخطاب في "الانتصار" - في مسألة المكره: إنه قولٌ حُمِلَ عليه بغير حق فلم يلزمه حكمُه كالإقرار بالطلاق. قال: وهذا لأن لفظ الطلاق ينقسم إلى صحيح وفاسدٍ، وليس نفوذُه أمرًا محسوسًا لا مردَّ له، فإذا كان محمولاً عليه بالباطل كان مردودًا، لأن الشرع يحكم في الرد والقبول، وقرَّر ذلك.

- طلاق المكره

وأما من قال: إن طلاق المكره يقع، كما يقول أبو حنيفة، فإنه يقول مالا يقبل الرفع، كالنكاح والعتاق والخلع، فإنه كالفعل يَنْفُذ مع الإكراه، بخلاف ما يقبل الرفع كالبيع والإجارة والهبة. وعندنا الجميع يقبل الرفع، وإذا كان كذلك فمحرَّمُه يقع فاسدًا.

فإن قيل: لو أوقعه سُنيا لغير حاجة؟.

قيل: فإن الإنسان أخبرُ بمصلحة نفسِه، فإذا أوقعه على الوجه المشروع لم يمكن أن نقول: ذلك محرَّمٌ عليه.

فإن قيل: فأنتم تقولون: الطلاق لغير حاجةٍ محرمٌ أو مكروه وإن كان سُنيا.

قيل: هذا كلامٌ مجمل، ولابدّ من تفصيله. قيل: هذا السؤال يَرِدُ على الجمهور الذين قالوا بان الثلاث يحرمُ جمعُها، فإن هؤلاء قالوا: إن الطلاق لغير حاجةٍ محرَّمٌ، والحاجة لا تدعو إلاّ إلى واحدةٍ. ثم لمّا أُورِدَ عليهم هذا السؤال قالوا: العاقل لا يتكلف النكاح والتزام

طور بواسطة نورين ميديا © 2015